فصل: بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ خَالَفَ الإِمَامَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: سنن سعيد بن منصور



.بَابُ رَسَائِلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعْوَتِهِ:

2479- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ: مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ، إِلَى هِرَقْلَ صَاحِبِ الرُّومِ إِنِّي أَدْعُوكَ إِلَى الإِسْلاَمِ، فَإِنْ أَسْلَمْتَ فَلَكَ مَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَعَلَيْكَ مَا عَلَيْهِمْ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَتُخَلِّي عَنِ الْفَلاَّحِينَ، فَلْيُسْلِمُوا أَوْ يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ، فَلَمَّا أَتَاهُ الْكِتَابُ، قَرَأَهُ، فَقَامَ أَخٌ لَهُ فَقَالَ: لاَ تَقْرَأْ هَذَا الْكِتَابَ، بَدَأَ بِنَفْسِهِ قَبْلَكَ، وَلَمْ يُسَمِّكَ مَلِكًا، وَجَعَلَهُ صَاحِبَ الرُّومِ، قَالَ:
كَذَبْتَ، أَنْ يَكُونَ بَدَأَ بِنَفْسِهِ، فَهُوَ كَتَبَ إِلَيَّ، وَإِنْ كَانَ سَمَّانِي صَاحِبَ الرُّومِ فَأَنَا صَاحِبُ الرُّومِ، لَيْسَ لَهُمْ صَاحِبٌ غَيْرِي، فَجَعَلَ يَقْرَأُ الْكِتَابَ وَهُوَ يَعْرَقُ جَبِينُهُ مِنْ كَرْبِ الْكِتَابِ، وَفِي شِدَّةِ الْقُرِّ، فَقَالَ: مَنْ يَعْرِفُ هَذَا الرَّجُلَ؟ فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَ: أَتَعْرِفُ هَذَا الرَّجُلَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَا نَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قَالَ: مِنْ أَوْسَطِنَا نَسَبًا، قَالَ: فَأَيْنَ دَارُهُ مِنْ قَرْيَتِكُمْ؟ قَالُوا: فِي وَسَطِ قَرْيَتِنَا، قَالَ: هَذِهِ مِنْ آيَاتِهِ، قَالَ: هَلْ يَأْتِيكُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَيَأْتِيهِمْ مِنْكُمْ أَحَدٌ، قُلْتُ: يَأْتِيهِمْ مِنَّا، وَلاَ يَأْتِينَا مِنْهُمْ، قَالَ: هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَظَهَرْتُمْ عَلَيْهِمْ، أَوْ ظَهَرُوا عَلَيْكُمْ؟ قُلْتُ: بَلْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا، قَالَ: وَهَذِهِ مِنْ آيَاتِهِ قَالَ: قُلْتُ: أَلاَ تَسْمَعُ أَنَّهُ يَقُولُ: سَيَظْهَرُ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا، قَالَ: إِنْ كَانَ هُوَ لَيَظْهَرَنَّ عَلَى الأَرْضِ حَتَّى يَظْهَرَ عَلَى مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ، وَلَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُ هُوَ لَمَشَيْتُ إِلَيْهِ حَتَّى أُقَبِّلَ رَأْسَهُ، وَأَغْسِلَ قَدَمَيْهِ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: إِنَّهُ لأَوَّلُ يَوْمٍ رُعِبْتُ مِنْ مُحَمَّدٍ، قُلْتُ: هَذَا فِي سُلْطَانِهِ، وَمُلْكِهِ، وَحُصُونِهِ، يَتَحَادَرُ جَبِينُهُ عَرَقًا مِنْ كَرْبِ الصَّحِيفَةِ، فَمَا زِلْتُ مَرْعُوبًا مِنْ مُحَمَّدٍ حَتَّى أَسْلَمْتُ، وَفِي الرِّسَالَةِ {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}، {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونِ}، {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} وَكَانَ لِلرُّومِ أَسْقَفٌّ لَهُمْ يُقَالُ لَهُ بَغَاطِرُ عَلَى بِيَعَةٍ لَهُمْ، يُصَلِّي فِيهَا مُلُوكُهُمْ، فَلَقِيَ بَعْضَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقَالَ: اكْتُبُوا لِي سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ، فَكَتَبُوا لَهُ سُورَةً، فَقَالَ: هَذَا الَّذِي نَعْرِفُ كِتَابَ اللهِ، فَأَسْلَمَ وَأَسَرَّ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحَدِ تَمَارَضَ فَلَمْ يَأْتِ بِيَعَتَهُمْ، فَلَمَّا كَانَ الأَحَدُ الآخَرُ، لَمْ يَجِئْ، فَقِيلَ: لَيْسَ بِهِ مَرَضٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: لَتَجِيئَنَّ أَوْ لَتُحْمَلَنَّ، فَجَاءَ يَمْشِي، فَقَالَ لَهُ: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: هَذَا كِتَابُ اللهِ، وَأَمْرُ اللهِ، وَنَعْتُ الْمَسِيحِ، وَهُوَ الدِّينُ الَّذِي نَعْرِفُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، لَوْ أَقُولُ هَذَا لَقَتَلَتْنِي الرُّومُ، قَالَ: لَكِنِّي أَنَا أَقُولُهُ قَالَ: أَمَا تَسْمَعُونَ مَا يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: فَأَخَذُوهُ حِينَ تَكَلَّمَ بِذَلِكَ فَمَا زَالُوا يُعَذِّبُونَهُ حَتَّى يَنْزِعُوا الضِّلَعَ مِنْ أَضْلاَعِهِ بِالْكُلْيَتَيْنِ، فَأَبَى أَنْ يَرْتَدَّ عَنْ دِينِهِ حَتَّى قَتَلُوهُ وَحَرَقُوهُ.
2480- حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ، إِلَى قَيْصَرَ أَنْ {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {مُسْلِمُونَ} وَكَتَبَ إِلَى كِسْرَى وَالنَّجَاشِيِّ بِهَذِهِ الآيَةِ، فَأَمَّا كِسْرَى، فَمَزَّقَ كِتَابَ اللهِ، وَلَمْ يَنْظُرْ فِيهِ، فَقَالَ: مُزِّقَ وَمُزِّقَتْ أُمَّتُهُ وَأَمَّا قَيْصَرُ فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَ- يَعْنِي رَسُولَ اللهِ- قَالَ: هَذَا كِتَابٌ لَمْ أَسْمَعْهُ بَعْدَ سُلَيْمَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَا أَبَا سُفْيَانَ، وَالْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، وَكَانَا تَاجِرَيْنِ هُنَاكَ، فَسَأَلَهُمَا عَنْ بَعْضِ شَأْنِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَاهُ، فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي لَيَمْلِكَنَّ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لَهُمْ مِلَّةً».
وَأَمَّا النَّجَاشِيُّ، فَأَمَرَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِكِتَابِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتْرُكُوهُمْ مَا تَرَكَكُمْ».
2481- حَدَّثَنَا حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّجَاشِيِّ وَنَحْنُ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِينَ رَجُلاً، فِيهِمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُرْفُطَةَ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، وَأَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ، فَأَتَوُا النَّجَاشِيَّ، وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَعُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ بِهَدِيَّةٍ، فَلَمَّا دَخَلاَ عَلَى النَّجَاشِيِّ سَجَدَا ثُمَّ ابْتَدَرَاهُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالاَ لَهُ: إِنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِي عَمِّنَا نَزَلُوا أَرْضَكَ، وَرَغِبُوا عَنَّا وَعَنْ مِلَّتِنَا، قَالَ: فَأَيْنَ هُمْ؟ قَالاَ: هُمْ فِي أَرْضِكَ، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: أَنَا خَطِيبُكُمُ الْيَوْمَ فَاتَّبَعُوهُ، فَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْجُدْ، فَقَالُوا لَهُ: مَا لَكَ لاَ تَسْجُدُ لِلْمَلِكِ؟ قَالَ: إِنَّا لاَ نَسْجُدُ إِلاَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ فِينَا رَسُولاً، وَأَمَرَنَا أَنْ لاَ نَسْجُدَ إِلاَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: فَإِنَّهُمْ يُخَالِفُونَكَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ، قَالُوا: نَقُولُ: هُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ، قَالُوا: هُوَ كَلِمَةُ اللهِ وَرُوحُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ الَّتِي لَمْ يَمَسَّهَا بَشَرٌ وَلَمْ يَفْرِضْهَا وَلَدٌ قَالَ: فَرَفَعَ عُودًا مِنَ الأَرْضِ ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْحَبَشَةِ وَالْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ وَاللَّهِ مَا يَزِيدُونَ عَلَى مَا نَقُولُ فِيهِ مَا يَسْوَى هَذَا، مَرْحَبًا بِكُمْ وَبِمَنْ جِئْتُمْ مِنْ عِنْدِهِ، أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ الَّذِي نَجِدُهُ فِي الإِنْجِيلِ، وَأَنَّهُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، فَانْزِلُوا حَيْثُ شِئْتُمْ، وَاللَّهِ لَوْلاَ مَا أَنَا فِيهِ مِنَ الْمُلْكِ لأَتَيْتُهُ، حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّذِي أَحْمِلُ نَعْلَيْهِ، وَأُوَضِّئُهُ، وَأَمَرَ بِهَدِيَّةِ الآخَرِينَ فَرُدَّتْ إِلَيْهِمَا، ثُمَّ تَعَجَّلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ حَتَّى أَدْرَكَ بَدْرًا، وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَغْفَرَ لَهُ حِينَ بَلَغَهُ مَوْتُهُ.
2482- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَقْرَأَنِي ابْنُ بُقَيْلَةَ صَاحِبُ الْحِيرَةِ كِتَابًا مِثْلَ هَذَا- يَعْنِي طُولَ الْكَفِّ-: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى مَرَازِبَةِ فَارِسَ سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَا بَعْدُ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَلَبَ مُلْكَكُمْ، وَوَهَّنَ كَيْدَكُمْ، وَفَرَّقَ جَمْعَكُمْ، وَفَضَّ خِدْمَتَكُمْ، فَاعْتَقِدُوا مِنِّيَ الذِّمَّةَ، وَأَدُّوا إِلَيَّ الْجِزْيَةَ، وَذَكَرَ الرَّهْنَ بِشَيْءٍ، وَإِلاَّ وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَآتِيَنَّكُمْ بِقَوْمٍ يُحِبُّونَ الْمَوْتَ كَمَا تُحِبُّونَ الْحَيَاةَ.
2483- حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: يُقَاتَلُ أَهْلُ الأَوْثَانِ عَلَى الإِسْلاَمِ، وَيُقَاتَلُ أَهْلُ الْكِتَابِ عَلَى الْجِزْيَةِ.

.بَابُ الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ دُعَاءِ الْمُشْرِكِينَ:

2484- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنْ دُعَاءِ الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ الْقِتَالِ، فَكَتَبَ: أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي أَوَّلِ الإِسْلاَمِ، وَقَدْ أَغَارَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ، وَأَنْعَامُهُمْ تَسْقِي عَلَى الْمَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلِيهِمْ، وَسَبَى سَبْيَهُمْ، وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي بِذَلِكَ عَبْدُ اللهِ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ.
2485- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَن النَّهْدِيِّ، قَالَ: كُنَّا نَدْعُو وَنَدَعُ.
2486- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: لَيْسَ لِلرُّومِ دَعْوَةٌ، قَدْ دُعُوا مُنْذُ أَيَادِ الدَّهْرِ.
2487- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنْ أَبِي سَهْلٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: كَانَ يَصِيحُ بِذَلِكَ صِيَاحًا أَنْ لاَ دَعْوَةَ لِلرُّومِ.
2488- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: كُنَّا نَغْزُو فَنَدْعُو وَنَدَعُ.

.بَابُ مَا جَاءَ فِي طَاعَةِ الإِمَامِ:

2489- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ مَوْلًى لأَبِي رَيْحَانَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَبَا رَيْحَانَةَ كَانَ مُرَابِطًا بِالسَّاحِلِ، وَأَنَّهُ اسْتَأْذَنَ أَمِيرَ مُرَابَطَتِهِ: ايْذَنْ لِي أَنْ آتِيَ أَهْلِي، أَوْ أَجِّلْنِي لَيْلَةً، فَفَعَلَ، فَقَدِمَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ عِشَاءً، فَأَتَى الْمَسْجِدَ، وَلَمْ يَأْتِ أَهْلَهُ، فَافْتَتَحَ سُورَةً، ثُمَّ سُورَةً أُخْرَى حَتَّى أَدْرَكَهُ الصُّبْحُ، وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحَ تَوَجَّهَ رَاجِعًا إِلَى مُرَابَطِهِ مِنَ السَّاحِلِ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا رَيْحَانَةَ لَوْ أَتَيْتَ أَهْلَكَ فَسَلَّمْتَ عَلَيْهِمْ، وَأَلْمَحْتَ بِهِمْ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَجَّلَنِي أَمِيرِي لَيْلَةً، وَقَدْ مَضَى أَجَلُهُ، وَلَسْتُ بِالَّذِي أَكْذِبُ، وَلاَ أَتَخَلَّفُ عَنْ مُرَابَطِي فَتَوَجَّهَ، وَلَمْ يَأْتِ أَهْلَهُ، وَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى رَجَعَ، وَكَانَ مَسْكَنُهُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ.
2490- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ بُكَيْرًا، حَدَّثَهُ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي رَافِعٍ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ فِي بَعْثٍ مَرَّةً، وَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اذْهَبْ فَائْتِنِي بِمَيْمُونَةَ فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ إِنِّي فِي الْبَعْثِ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَائْتِنِي بِمَيْمُونَةَ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ إِنِّي فِي الْبَعْثِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَيْسَ تُحِبُّ مَا أُحِبُّ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ: اذْهَبْ فَائْتِنِي بِمَيْمُونَةَ فَذَهَبْتُ فَجِئْتُهُ بِهَا».
2491- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} قَالَ: ذَلِكَ فِي الْغَزْوِ وَالْجُمُعَةِ، وَإِذْنُ الإِمَامِ فِي الْجُمُعَةِ أَنْ يُشِيرَ بِيَدِهِ.

.بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ خَالَفَ الإِمَامَ:

2492- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ دَاوُدَ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الأَشْعَرِيِّ، قَالَ: خَرَجْتُ فِي سَرِيَّةٍ، وَمَعَنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً، فَقَالَ فَتًى مِنَّا: إِنِّي أُرِيدُ التَّعَلُّفَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَامِرٍ: لاَ تَفْعَلْ حَتَّى تَسْتَأْمِرَ صَاحِبَنَا، يَعْنِي أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ، وَهُمْ رُفْقَةٌ فَاسْتَأْذَنَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى لَعَلَّكَ تُرِيدُ أَهْلَكَ قَالَ: لاَ، قَالَ: انْظُرْ قَالَ: لاَ، قَالَ: فَانْطَلَقَ الْفَتَى فَأَتَى أَهْلَهُ، فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ أَرْبَعَ لَيَالٍ، ثُمَّ قَدِمَ فَسَأَلَهُ أَبُو مُوسَى، وَقَالَ: أَتَيْتَ أَهْلَكَ؟ قَالَ: مَا فَعَلْتُ، قَالَ أَبُو مُوسَى: لَتُخْبِرَنِّي قَالَ: مَا فَعَلْتُ، قَالَ: لَتَصْدُقَنِّي قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: فَإِنَّكَ سِرْتَ فِي النَّارِ، وَوَقَعْتَ فِي أَهْلِكَ فِي النَّارِ، وَأَقْبَلْتَ فِي النَّارِ، فَاسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ.
2493- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَهُ عَنِ الْقَاسِمِ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُغِيرَ عَلَى خَيْبَرَ قَالَ: لاَ يَتْبَعْنَا مُصْعِبٌ وَلاَ مُضْعِفٌ فَاتَّبَعَهُ أَعْرَابِيٌّ عَلَى بَكْرٍ لَهُ صَعْبٍ فَوَقَصَهُ، فَقَتَلَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ، فَأَمَرَ بِلاَلاً يُنَادِي: أَلاَ إِنَّ الْجَنَّةَ لاَ تَحِلُّ لِعَاصٍ.
2494- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ: لاَ يَخْرُجْ مَعَنَا إِلاَّ مُقْوٍ فَخَرَجَ رَجُلٌ عَلَى بَكْرٍ لَهُ صَعْبٍ، فَوَقَصَ بِهِ فَمَاتَ، فَقَالَ النَّاسُ: الشَّهِيدُ الشَّهِيدُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلاَلاً يُنَادِي: أَلاَ لاَ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ، وَلاَ يَدْخُلُهَا عَاصٍ قَالَ مُجَاهِدٌ: لَمْ أَسْمَعْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا أَشَدَّ مِنْ هَذَا، وَحَدِيثِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ لَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً.
2495- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَأَمَرَ النَّاسَ: لاَ تُقَاتِلُوا، فَطَارَ رَعَاعُ النَّاسِ فَقَاتَلُوا، فَأَبْصَرَهُمْ عَمْرٌو فَقَالَ: يَا جُنَادَةُ أَدْرِكِ النَّاسَ، لاَ يُقْتَلُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَاصِيًا فَلَمَّا أَقْبَلَ جُنَادَةُ أَشْرَفَ لَهُ عَمْرٌو، ثُمَّ نَادَاهُ: أَقُتِلَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ.
2496- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا كَوْثَرُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ فَارَقَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ، وَلاَ لِعَاصِي ثَغْرٍ مِنْ ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى ثَغْرِهِ».
2497- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ، أَنَّهُمْ حَاصَرُوا حِصْنًا فَمَرَّ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ بِرَجُلَيْنِ يُقَاتِلاَنِ مِنْ مَكَانٍ يَنَالُهُمُ الْعَدُوُّ وَلاَ يَنَالُونَهُمْ، فَقَالَ عُقْبَةُ: إِنَّ هَذَا لَيْسَ لَكُمَا بِمُقَاتَلٍ فَانْصَرَفَ أَحَدُهُمَا، وَمَكَثَ الآخَرُ حَتَّى قُتِلَ، فَأَبَى عُقْبَةُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ.
2498- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، أَنَّ رَجُلاً عَصَى مِنْ بَعْثِ السَّاحِلِ فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ فِي أَهْلِهِ، فَسُئِلَ كَعْبُ الأَحْبَارِ عَنِ الصَّلوةِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ يُسَاقُ إِلَى حُفْرَتِهِ، وَلَيْسَتِ الْحُفْرَةُ تُسَاقُ إِلَيْهِ، فَصَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ.

.بَابُ كَرَاهِيَةِ إِقَامَةِ الْحُدُودِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ:

2499- حَدَّثَنَا إِسْماعيلُ بنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي بكر بن أبي مريم عَن حميد بن عقبة بن رومان عَنْ أَبِي الدرداء أنه كان ينهى أن تقام الحدود على الرجل وهو غاز فِي سبيل الله حتى يقفل مخافة أن تحمله الحمية فيلحق بالكفار فإن تابوا تاب الله عليهم وإن عادوا فإن عقوبة الله من ورائهم.
2500- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى النَّاسِ: أَنْ لاَ يَجْلِدَنَّ أَمِيرُ جَيْشٍ وَلاَ سَرِيَّةٍ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَدًّا وَهُوَ غَازٍ حَتَّى يَقْطَعَ الدَّرْبَ قَافِلاً لِئَلاَّ تَحْمِلَهُ حَمِيَّةُ الشَّيْطَانِ فَيَلْحَقَ بِالْكُفَّارِ.
2501- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: كُنَّا فِي جَيْشٍ فِي أَرْضِ الرُّومِ، وَمَعَنَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَعَلَيْنَا الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ، فَشَرِبَ الْخَمْرَ، فَأَرَدْنَا أَنَّ نُحِدَّهُ، قَالَ حُذَيْفَةُ: أَتُحِدُّونَ أَمِيرَكُمْ؟ وَقَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ فَيَطْمَعُونَ فِيكُمْ فَبَلَغَهُ، فَقَالَ: لأَشْرَبَنَّ وَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً، وَلأَشْرَبَنَّ عَلَى رَغْمِ مَنْ رَغِمَ.
2502- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُهَاجِرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أُتِيَ سَعْدٌ بِأَبِي مِحْجَنٍ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ وَقَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَأَمَرَ بِهِ إِلَى الْقَيْدِ، وَكَانَتْ بِسَعْدٍ جِرَاحَةٌ فَلَمْ يَخْرُجْ يَوْمَئِذٍ إِلَى النَّاسِ قَالَ: وَصَعِدُوا بِهِ فَوْقَ الْعُذَيْبِ لَيَنْظُرَ إِلَى النَّاسِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْخَيْلِ خَالِدَ بْنَ عُرْفُطَةَ، فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ، قَالَ أَبُو مِحْجَنٍ:
كَفَى حَزَنًا أَنْ تُطْرَدَ الْخَيْلُ بِالْقَنَا **وَأُتْرَكَ مَشْدُودًا عَلَيَّ وِثَانِيَا.

فَقَالَ لاِبْنَةِ حَصْفَةَ امْرَأَةِ سَعْدٍ: أَطْلِقِينِي وَلَكِ اللَّهُ عَلَيَّ إِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ أَنْ أَرْجِعَ حَتَّى أَضَعَ رِجْلِي فِي الْقَيْدِ، وَإِنْ قُتِلْتُ اسْتَرَحْتُمْ مِنِّي، قَالَ: فَحَلَّتْهُ- حِينَ الْتَقَى النَّاسُ عَلَيَّ فَوَثَبَ عَلَى فَرَسٍ لِسَعْدٍ يُقَالُ لَهَا الْبَلْقَاءُ، ثُمَّ أَخَذَ رُمْحًا، ثُمَّ خَرَجَ، فَجَعَلَ لاَ يَحْمِلُ عَلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْعَدُوِّ إِلاَّ هَزَمَهُمْ، وَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ: هَذَا مَلَكٌ لِمَا يَرَوْنَهُ يَصْنَعُ، وَجَعَلَ سَعْدٌ يَقُولُ: الضَّبْرُ ضَبْرُ الْبَلْقَاءِ، وَالطَّعْنُ طَعْنُ أَبِي مِحْجَنٍ، وَأَبُو مِحْجَنٍ فِي الْقَيْدِ فَلَمَّا هُزِمَ الْعَدُوُّ، رَجَعَ أَبُو مِحْجَنٍ حَتَّى وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْقَيْدِ، وَأَخْبَرَتِ ابْنَةُ حَصْفَةَ سَعْدًا بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ، فَقَالَ سَعْدٌ: لاَ وَاللَّهِ: لاَ أَضْرِبُ بَعْدَ الْيَوْمِ رَجُلاً أَبْلَى اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى يَدَيْهِ مَا أَبْلاَهُمْ فَخَلَّى سَبِيلَهُ، فَقَالَ أَبُو مِحْجَنٍ: قَدْ كُنْتُ أَشْرَبُهَا إِذْ يُقَامُ عَلَيَّ الْحَدُّ، وَأَطْهُرُ مِنْهَا، فَأَمَّا إِذَا بَهْرَجْتَنِي فَلاَ وَاللَّهِ لاَ أَشْرَبُهَا أَبَدًا.